الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

قصتي


ضاقَ صَدري بما حَمل...فمددّتُ بصري عبر نافذتي المُطلّة على آفاق السّماء...أستَجدي شيئاً من نسيم تلك الليّلة النيسانيّة الرّائعة..وأستفيضُ من نورها القمريّ الفاتن....كلّ شيء داخل تلك الأسوار الإسمنتية يَقتلني..يَمتصّ أنفاسي..فقرّرت أن أتركها وأرحل ..أفترش الأرض وأتلحّف السماء..وأشكو لها همومي..لا للكائنات والبَشر....
وفعلاً !خرجت لا أدري أين ولا إلى أين المَفرّ؟!...فمشاكلي في ذاك العشّ الزوجي ,أكبرُ من أن أحتملها..وأكبر!
سِرتُ بِضع خطوات أحاول أن أتحسس الجمال من حولي..أحاول استعادة رَعشة الصِبا في داخلي..وعَبثاً حاولتْ..! فما زال ذاك الضيق يُرافقني...يفرض نفسه عليّ..فلرّبما أنّ الأسوار الخانِقة توجد في داخلي..ولا عَتبَ عليكِ أيّتها الأسوار الإسمنتيّة..
حلّقت نجمه فوق هامتي..وأرسل شعاع القمر بعض سلاسله الماسيّة لتحملني إليه..ودَغدغ النسيم وجنتيّ..ولكن! لا حياة لمَن تُنادي ..
لا تُتعبي نفسكِ طبيعتي الجميلة..أرسلي أنوارك وجمالك لغيري..فأنا لست أمِلكُ أمري..ولم أعُد تلكَ المفتونة بالجمال ،تتحسّسه حيث كانَ وتَتبعه وتنظم حِياله ّأروع الكلمات..فلقد فقدّت أنثويتي حين قرّرت المشاعر مُغادرتي..أليست المشاعر والأحاسيس رمز الأنثى وتاج جمالها؟؟فأنا لست إلاّ جسدا بلا روح.... بعد أن تحقّقت المقولة القائلة:
( إن الزواج يقتل الأمل)...
وبينما أنا أسيرُ بلا اتجاه..أترنّح بين خيالاتي وواقعي وكلّ أشيائي المُتناثرة... وقَع بَصري على شيء ما.... إنّها ورقه صغيره !مُلقاة بين أقدام الحجارة تنام على قارعة الطريق..تُقاوم الرّيح ،ربّما لتبقى رسالة إلى كلّ من يَعنيه الأمر..اشتعل حَدسي ليُخبرني أنها قدّ تحمل أمراً هاماً .. أو أنني لرّبما وجدتُ أُُنسيَ بين كلماتها..قلّبتها..تفحّصتها ؛ ثم فتحتها..وكأني صاحبها المُرسلة إليه..
 أدهشني عنوانها الناطق بمعانٍ ذات وجهان حبّ واشتياق؛ ثم ألم وعجز:-
"إنها قصّة حبّي..قصّة حبّي التي ماتت في مَهدها قبل أن تكتمل"
 جُلت بنظراتي سريعاً بين أطراف كلماتها المُبعثرة .. وأيقنتُ فعلاً أنها ليست ورقه ككل الأوراق..ولا كلمات ككل الكلمات..إنها قلب جريح يَنزف ألقاهُ القدَر على قارعة الطريق..إنها لغة من لغات العَناء التي يُسطرّها الزمن على صفحات حياة الكثيرينَ الكثيرين..
بدأتُ أقرأ كلماتها الثقيلة المَريرة,ألتي تجرح الوجدان قبل أن تَعبر ممرّ النطق لتتحول إلى كلمات...وواصلتُ القراءة:-
""إليكَ !يا من كنت يوما رفيق الروح ومُلهمها..يا من تَمنيتَ تراب قدميّ وها أنت اليوم تدوس عليّ كالتراب...
يا من نثرتَ بذور الحبّ باكراً على صفحة قلبي الصغير الفارغ .. فكبرت سنابل الحب وامتلأ بها القلب وتضخّم .... فهزّتها رياحك القوية القاسية..حتىّ جفّت السنابل وتَحطّمت..وتخلخلت جذورها.. وَغدت بذور الحبّ  لا وزن لها...فانتثرتْ وتطايرتْ..
إليك يا من أهديت  يوماً ما لحياتي شمساً جديدة..تُشرق لي وحدي..تُغذي أنوثتي..وتُبهر دنيايَ بأحلى الصور..وها أنت اليوم تحرقني بها..قبل أن تُطفئها..
إليكَ عميق شُكري وامتناني:
فشكراً: شكراً على لذّة الحب التي أذقتَني إياها صغيره ،وقبل أن أفهم معنى الحب...شكراً على كل لحظة فرح حَلمتُ بها بِقربك قبل أن أفهم ما يَعني الحُلُم...شكراً على كل أُمنية رأيتكَ فارس تَحقيقها قبل أن أُدرك معنى الأمنيات..
فإليك حريتك..إذهب إلى حيث شئت..فلن أرمي ورائك حتى ظِلّي لأني بِكُلّيتي قد تَبخرتْ..حتى الظلّ منّي قد تَبخّر...إذهب وابحث عن السعادة في عالم أخرى..عن الحبّ في أعماق أخرى..فلربما وجدتَ من يُفسر لك كُنه ذاتِكَ ويَفهمها..لأنك حتى أنت لا تعرف من تكون ولا ماذا تريد؟؟!
ولكن قبل أن تذهب!أعِد لي كل الأُمنيات الجميلة التي قتلتَها في أعماقي قبل أن تنضُج ...أعِد لي زَهو الشباب وأيامي العِشرينية  المُفعَمة بعشق الحياة قبل أن تُغادر..أعِد لي كل ذرّة حبّ وخَفقة قلب ..ولحظة صدق ..أهدتها لك عينايَ قبل أن تطفئهما مرارة البكاء...
أعِد لي كبريائي الذي لطالما تنازلتُ عنه إرضاءاً لك ثم قابلتَه بأكثر عبارات اللغة ثِقلاً وإحباطاً-لا يَهُمّ فليس للمرأة كبرياء أمام زوجها-
أعِد لي..ماذا وماذا ستُعيد..ومن أين لك..فليس لديك رصيد عاطفيّ..لأنّ فاقد الشيء لا يُعطيه.
قبل أن تذهب ساعدني كي أنسى كل دقيقة ألم ..وكل صرخة مَخاض..وكل طَرفة جَفنٍ سَهر الليالي ليرعى أبناءا سيحملون اسمك ويُسرّ بهم خاطرك.
    إذهب ..ولكن قبل أن تذهب! مُدّ يَداك إلى أعماقي وانتَزع سنابل الحبّ التي زرعتها فيّ ،فلقد نَما شوكها وكبُر ..واخترقَ شِغاف القلب فأضحى نازفاً مُتألما..انتزعها..واذهب ببذورها الوَليدة لتزرعها في قلب أُخرى..انتزعها..ولكن بكل رفق..فأنت لا تدري بأنّه ؛وتحت كل بذرة منها يختبئ جزء من روحي..فلا تَنزع الروح معها...الروح التي لم تشعُر بها يوما..ولم ترى ظِلالها حتى عيناك.
يا من كنت رفيق الأمنيات والدّرب الطويل!!...
  أظنّ بأنّ ساعة الفراق قد اقتربت..فهنيئاً لك ،فلقد حان وقت تصحيح الخلل – كما كنت دوماً تقول- ولكن قبل أن تذهب وتتركني كُتلة مُحطّمة لا حياة فيها،إليك وصيّتي :- لا تنسى ما كان يوماً بيننا إن أحببتْ.. فارفِق بذكرايَ إن يوماً باب خيالِكَ طَرقتْ....أو فلتَترحَم عليّ إن كنتُ قد فارقتْ-""
وانتهت الكلمات..أو لرّبما مات ما تبقى منها....
لِمَن هي يا ترى ..من كتبها؟ولمَن كُتبت؟ومن ينتظرها..ولماذا هذا المكان... ؟و و..أسئلة كثيرة ولكن لا إجابه!
انتظرتُ طويلاً فلربّما وجدتُ صاحبها...ولكن لا أحد..فكل شيء جامد مُكفهِرّ..
فأغلقتُها ..وتركتها حيث وجدتها....بعد أن أذاقتني مرارة الأسى.. ولم أستَطِع أن أنطِِقَ بكلمة واحده لأنّ الدمعة قد تولّت مهمة التعبير عن اشتعال الذات..
سِرتُ مشرّدة الخواطر..هل يُمكن أن أكون أنا قد كتبتها في عالم اللاوعي؟؟....فهي كقصتي..إنها فعلاً كقصتي...
وكيف لا تكون كقصتي؟!
وبطلُها رجلُ هذا الزمان...
وأنا .....!! أنثى من هذا الزمان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق